سألته من يكون فاجاب :
انا المثقف العربي في القرن العشرين , تعرفني من لفافة تبغي و جريدتي التي لا تفارقني و في بعض الحالات احمل كتابا كتابا كبير لم اقرأه قط.
قد اشذ عن هذا المظهر المتفق عليه من وقت لاخر و لكنك حتما ستعرفني عندما اتكلم, فانا اتقن فن الندب و التباكي على الذات و شتم الزمن.
و ما شيء احب على قلبي اكثر من حل مشاكل الامة..اذ عادةً تراني في الشارع العام او امام المقهى متأبطاً جريدتي و لفافة التبغ تكاد تسقط من بين شفتي و عيناي يقاومان الدخان..بينما اعد الحلول لمشاكل الامة و الانسانية على اصابعي.
فالحلول دائما جاهزة...ثورة على الحكام...تطبيق الديموقراطية......انتماء كل المواطنين الى الحزب الذي انتمي اليه ثم تحقيق الثورة العربية.
و على ذكر الاحزاب فارجو ان لا تسألني عن انتمائي السياسي فهذا يعتمد على عمري و مكان وجودي...ففي العشرين انا اما(( شيوعياً او متطرف دينياً)) و كل من في الوسط هم اعداء الامة.
في الخامسة و العشرين اتحول من الشيوعية(( للقومية ))و من التطرف الديني الى ((الالحاد)). اما في الثلاثين فانا اصل مرحلة نضج ثوري يكفي لان ابيع كل هموم الامة و اشتري بها متجراً و اتحول الى رأسمالياً فذ.
هذا اذا كل شيء سار على ما يرام اما اذا لم استطع تحقيق ذلك ابدأ باحلام جديدة : الهجرة و تحرير الارض.
انا بارع في ايجاد الحلول و لكن لا اؤمن بدوري في ايجاد مخطط لتحقيق الحلول
دوري يتوقف هنا, انا فقط اعطي الحلول و الشعب ينفذ.
اجمل ما يميز حلولي هو الرومانسية و سرعة التنفيذ, فانا استطيع خلال ارتشاف فنجان من القهوة على اكتشاف الحلول لمشاكل تطورت خلال خمسة قرون.....بشرط ان يكون فنجان القهوة سادة.
يصعب علي اكثر ما يصعب فهم عامل الزمن, فحلولي دائما تنبع عن عواطف جميلة و افكارا ثورية او ردات فعل يجب ان تطبق الان و الا فستموت ....ليس لدي القدرة على ان اكون واقعيا في تعاملي مع الوقت فالتخطيط للمستقبل و وضع الحلول على خط زمني فهو حتما مصطلح غربي يريد الغرب به ان يغشي ابصاري عن الحلول الفورية الواضحة.
افضل الكتاب لدي هو ذاك الذي لا يفهمه احد....و افضل الرسامين عندي هو ذاك الذي يجمعون في حلقات المثقفين على انه رائع, اما اذا انا فهمته انا او احسست بفنه فهذا امر لا اجرؤ على البوح به.
تثقفت و تربيت على ايادي كتاب لا يجيدون الا البكاء و التذمر و تخدير الابداع عند الانسان العربي بخمرة الحزن. لهذا فالحزن افضل ما اجيد لدرجة اشعر فيها ان كل انسان سعيد هو برجوازي او جاهل لا تهمه هموم الامة.......الحزن و الندب صارا بالنسبة لي مقياس لحكمة الانسات و مدة وطنيته.........نسميها في مصطلحنا ........معاناة.....و ما احبها من كلمة.
هنا اعلم يا صديقي (ويب ماستر) تريد ان تصرخ قريبا من اذني كعادتك و تقول :
((المعاناة و البكاء للافراد اما ضمير الامم فيجب ان يبقى حياً منتعش..لا مكان في الحضارة لامة لا تجيد الا البكاء..و اليوم الذي سنبدأ فيه السير الى الامام هو ذاك اليوم الذي سيصرخ فيه المثقف العربي...:
فوالله لو سلخوني حياً ......و لو بكيت احزاني انهار دموع ....لبقي ضمير امتي في اعماقي حراً كريم...يحمل عقل خالد و جبروت صلاح و عزة امة علمت الدنيا الكتابة))
حسنا حسنا ..تريد ان تقول انني امثل ضمير الامة و ان بكائي لن يعود على اهلي الا بمزيد من الخوف و ان من واجبي ان ادفع عن الانسان العربي شعوره المستفحل بالنقص و العجز ثم اساعده على رسم الطريق ........
و لكن .......الحزن هو ما اتقن و قد ادمنت عليه و عشقته....فالاحزان سهلة المنال.
و قبل ان انهي اود الحديث عن تناقضاتي....
فانا لدي تناقض بالفكار في كثير من الامور و لا سيما حين اتحدث عن المرأة او الحرية و التطور...و اجمل تناقضات افكاري تجده حين اتحدث عن الاخرين ....و هنا اقصد الغرب.......فحينا تجدني اتأمل بتطوره الثقافي و العلمي بكل تقدير يصل الى حد الشعور بالنقص و احيانا اخرى تجدني العنه و اعتبر تقدمه سبباً لتخلفي.
ايضا المرأة بالنسبة لي سر يجب حله باسرع ما يمكن....فانا اعشق القرب من المرأة لكنني لا افهم ما تريد, و اكتب فيها اشعاراً تدل على انني اجيد كل اسرار الحب رغم ان اكبر تجربة لي مع المرأة كانت عندما جلست بقرب زميلتي الجامعية في الميكرو و نحن عائدون الى منازلنا.
اطالب بتحررها باعلى الاصوات و في كل الجرائد و لكن اذا ارادت اختي السفر الى حلب و الدراسة هناك في كلية ليست متاحة هنا.... لهززت برأسي و انا انقل لفافة تبغي من طرف الى اخر و ابتسامة استهزاء على شفاهي كانني اقول ........امجنونة انت؟ تريدين ان تبهدلينا امام الجيران.
صحيح انني ممثل مسرح او صحفي محترف او ربما استاذ جامعي..
و لكن كل شيء بحال و شرف العيلة بحال.
اشياء اخرى اريد ان احدثك عنها لتعرفني اكثر و تجد لي حلا.............لكن منذ الان اقول.... شيء واحد ارجوك ان لا تمسه :
حقي بالبكاء و شتم الزمن !
